بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
ثقافة الاعتذار ممارسة نحتاج كثيرا لان تكون جزءا من تكوين علاقاتنا الاجتماعية بحيث نمارس الاعتذار بكل اريحية ودون تردد او شعور بالخجل او اعتباره ممارسة ضعف.”أنا آسف” تصفي الأجواء وتفتح الأبواب أمام التسامح والتواصل، وتمنح فرصة للبدء من جديد، كما أنها تجلب الثقة والامانة والتواضع وهذه من أجمل الصفات التي يمكن أن يتشاركها الناس.
وإذا كان الاعتذار يعد مطلباً لدوام أية علاقة فما بالنا بالعلاقات الزوجية التي تنمو وتقوى بالمودة والرحمة والتسامح فعلى كلا الزوجين ألا يقف لصاحبه بالمرصاد ليتصيد أخطاءه، ومن ثم يدبر له ليرد الخطأ بخطأ أكبر، ويظل كلاهما يدور في دائرة من الأخطاء انتظاراً لاعتذار شريكه المكابر، وقد لا يسوؤه ارتكاب شريكه للخطأ بقدر ما يسوؤه عدم اعتذاره عنه.الإعتذار سمة أصحاب القلوب النقيًه التي تحب دوماً أن لا تشوب علاقاتها بمن حولها أية شائبه.. إذ أن الإعتذار بالشكل المناسب يذيب ما في قلب المعتذر إليه من ضغائن أو غضب إن حدث ما يستوجب ذلك
لأي سببٍ كان.. و لكن ترى في المقابل من يأنف الإعتذار حتى بعد يقينه بأنه قد أخطأ في حق أحدهم! و ما تلك الأنفة منه سوى ل كٍبًرٍ يجده في نفسه! فذاك هو ما منعه!
إن الإعتذار لن يزيدك سوى رفعةً في عين و قلب من إعتذرت إليه و لكن حذار أن يغشى إعتذارك تهكمٌ أو سخريه فذلك مما يجعل إعتذارك غير مقبول و لن يستسيغه الطرف الآخر..
فالإعتذار فن قائم بحد ذاته إن أنت أتقنته فإعلم بأنك ستنال غايتك متى ما إستخدمته.. فما أكثر الأعذار التي تأتينا فقط من طرف اللسان..لا يصدقها القلب فلا تحرك فينا ساكن!!الاعتذارُ بلسمٌ يداوي الجروح النفسيَّة، فكم شفى سقماً، وكم أبرأ همّاً، وكم أزاحَ موجدةً، وكم أخمد لهيباً، وكم أسكن ثورة.
يتميز العقلاء بالعودة للصواب ولكن يرتقي الانسان ويتميز نبله بقدرته على الاعتذار لمن اخطأ بحقة وان كان اصغر منه عمرا او مكانة.. والاعتذار يمثل مظهرا حضاريا وهو انعكاس لمستوى النضج والثقة في النفس . برغم سمات الشجاعة التي يتصف بها مجتمعنا ورغم ثقافتنا الاسلامية التي تؤكد على التوبة الا ان اغلبنا تغيب عن ممارساته الاجتماعية ومضامين علاقاته الاجتماعية ثقافة الاعتذار حيث يعتبرها البعض شكلا من اشكال الضعف رغم ان الاعتذار لا يقوم به الا من يملك مستوى عاليا من الشجاعة الادبية..